الحائط رغم توجعه يتحمل طعن المسمار
والغصن برغم طراوته يحمل أعشاش الأطيار
والقبر برغم قباحته يرضى بنمو الأزهار
وأنا مسماري مزمارٌ وأنا منفاي هو الدار
وأنا أزهاري أشعارٌ فلماذا الحائط يطعنني؟
والغصن المتخفف مني، يستثقلني؟
ولماذا جنة أزهاري يحملها القبر إلى النار !
أسأل قلبي: ماهو ذنبي؟
ما لي وحدي إذ أنثُر بذر الحرية
لا أحظى من بعد بذاري إلا بنمو الأسوار؟
يهتف قلبي :
ذنبك أنك عصفورٌ يرسل زقزقة
لتقدم في حفلَـةِ زار !
ذنبك أنك موسيقيٌ يكتب ألحاناً آسرة
ليغنّيها عنه حمار !
ذنبك أنك ما أذنبت وعارك أنك ضد العار
في طوفان الشرف العاهر والمجد العالِ المنهار
أحضن ذنبي، بيدي قلبي
وأقبل عاري مغتبطاً لوقوفي ضد التيار ..
أصرخ يا تيّار تقدّم لن أهتز ولن أنهار
بل ستضار بي الأوضار
يا تيّار تقدم ضدي لست لوحدي
فأنا عندي !
أنا قبلي أقبلتُ بوعدي
وسأبقى أبعد من بعدي
ما دمتُ جميع الأحرار !

‏داوي المسَامع بالكلام وداوني 

بالوصلِ .. إن فراقنا اعياني 

في ليلةٍ قمرية كي أحلفُ

أني رأيت في ليلةٍ قمرانِ

‏أيا قمَراً .. يُغازِلُ مُقلتيها

و يَسْرِقُ نورَهُ مِنْ وَجْنتَيها

حباكَ الله حظاً .. لم أنلْهُ

فأنتَ تُطِلّ أحياناً عليها

‏كانت إذا حَنَّ قلبي إلَيها؛

تفيضُ دموعيَ مِن مُقلَتَيها

وكان مِنَ العِشقِ: أنَّ الجراحَ

عَلَيَّ، وأنَّ النُّواحَ عَلَيها

تخشى عليّ من الشتاء وبرده
وأنا خشيت عليك من أهوائي
لم ينسك القلب المليء صبابة
كيف السبيل؟ وراحتيك شفائي

‏ليتَ الجميعَ يغادرونَ لنلتقي

‏وعلى ضفافِ الحلمِ نُقتلُ واقعيْ

‏ونصوغ من ريقِ النجوم قصائدا

‏بالضوء تهطل كي تسابق أدمعي

‏هل ضرّ هذا الكون نبض لقائنا؟!

‏أم أن هذا الحزنَ أدمن أضلعيْ 

‏قُل للمسافاتِ البعيدةِ بيننا،

‏أرجوك بحقِ الله أن تتواضعي

‏قد كان يطرُّقُ بابي وهو منغلقٌ

لما فتحتُ فؤادي .. قلبه انْغلَقا

كأنّه لم يكن يومًا ليعشقني

كأنّما وحدَه قلبِي الذي عَشِقا

لو تعلمين ؟
بأنني في كل صبح
ما أنتظرتُ الشمس تشرق إنّما
قد كنتُ أنتظر الصباحَ بلهفة
كيّ تُشرقين ..
وأرتّل الدعوات لحناً خاشعاً
حتى أصليّ حين ألقاكِ صلاة الشّاكرين
هل كنتي يوماً تعلمين ؟
‏أني تسلقتُ السماء بأدمُعي، وتضرُّعي
وسكنتُ بين سحابتَين
وزرعتُ إسمك في السماء
وسقيته دمعاً وماء
حتى إذا عاد الشتاءُ
حبيبتي هل تُمطرين ؟

إنّي أغارُ عليكِ من غسق الدُّجى

‏خوفًا عليك فلا يُجنّ ويتبعك

‏يا نجمة ملأت فؤادي بالهوى

‏كوني بريقي إن لي قلبٌ معك

‏يا كم تمنّيتُ الفضاءَ بأضلُعي

‏كي لا أرى فُلكًا يناجي أضلُعك

قولي لعينكِ أن تنام مبكرا

‏فغداً سيوقظها الحنينُ لتسهرا

‏سيدقُ بابك ذات يومٍ زائرٌ

‏ما مر بالبستان إلا أزهـرا

‏سيشقُ أنهاراً ويزرع جنةً

‏ويصوغُ ألحاناً وينحتُ مرمرا

‏سيُعلّمُ العينينِ أنْ تتألقا

‏وسيأمرُ الجفنينِ أن يتكسرا

‏لا تذهبي للوردِ قبل أوانهِ

‏للوردِ ميعادٌ ولن يتغيرا

أعلى الجمال تغار منا
ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسي الوقار
وتسعد القلب المعنّى
دنياي أنت وفرحتي
ومنى الفؤاد إذا تمنّى
أنت السماء بدت لنا
واستعصمت بالبعد عنّا
هلا رحمت متيماً
عصفت به الأشواق وهنّا
وهفت به الذكري
وطاف مع الدُجى مغناً فمغنا
هزته منك محاسن
غنّى بها لما تغنّى
آنست فيك قداسة
ولمست اشراقاً وفنّا
ونظرت في عينيك
آفاقاً وأسراراً ومعنى
وسمعت سحرياً يذوب
صداه في الأسماع لحنا
نلت السعادة في الهوى
ورشفتها دنّاً فدنّا

• 
  

فرض الحبيب دلاله وتمنعا
وأبى بغير عذابنا أن يقنعا
ماحيلتي وأنا المكبل بالهوى
ناديته فأصر أن لا يسمعا
وعجبت من قلبي يرق لظالم
ويطيق رغم إباءه أن يخضعا
فأجاب قلبي لاتلمني فالهوى
قدر وليس بأمرنا أن يُرفعا
والـظلم في شرع الحبيب عدالة
مهما جفا كنت المحب المُولعا
يا صاحبي خذ للحبيب رسائلي
فعسى يرى بين السطور الأدمعا
بلغه اني في الغرام متيم
والقلب من حر الفراق تصدعا
مافي النوى خير لنرضى بالنوى
بل ان كل الخير ان نحيا معا

أتَقبلني بما أشعر؟
بأخطائي وما يصدر
بدمعي فائض القطرات
عذري عندما أعثر
ألسنا في محبتنا
تعاهدنا على عهد
إذا ركدت بحار الوصل
حركناه لا يفتر
‏أتُمسك جيداً بيدي
وحيداً عندما أعبر؟
تُذهب الحزن عن صدري
و تزرع موطنا أخضر
أتغفر ياحبيب الروح
جفوي عندما أكدر
أتمسح صفحة الهفوات؟
تنسى دون أن تذكُر

‏رأيتُ الشعر في عينيكِ يكتُبني

فصار الحُب قافيتي و أوزاني

ألم أخبركِ أن الناس تحسبُني؟ 

طريحاً بالهوى والشوقُ أعياني

‏إني أريدك كيفما كُنتَ معي 

حربًا وسِلمًا .. جنتي نيراني 

فأريد أن انسى زماني كلّه 

لتكون لي يافرحةَ ازماني 

وتكون ليّ دُنيا وعمرًا دائمًا

فاليوم فيك توردت اغصاني

سافرت في عينيك يومًا واحدًا

فوددتُ لو أبقى .. لدهرٍ ثانيًا

تملكتم عقلي وطرفي ومسمعي
وروحي وأحشائي وكلّي بأجمعي
وتبكيهم عيني وهم في سوادها
ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي
وإن طالبوني في حقوق هواهم
فإني فقير لا عليّ ولا معي

‏خذْ فرحةَ الأيامِ من

قلبي وهَبني أدمُعَك

أفديكَ من سهمِ الحياةِ

إذا أصابَ وأوجعَك

‏مُذ غبتَ عني في تجاويفِ الثرى

وأنا أرى ذكراكَ مِلء جهاتي

أرجوك زُرني لو خيالاً في الكَرَى

واكذب علي وقل بأنكَ آتي

أو عُد وقُل موتي حديثٌ يُفترى

وخذ البقية من سنين حياتي

يا غائباً والقلب سار بأثره
شوقي مقيم في فؤادي كالجبل
إن كنت غبت عن العيون مهاجراً
فجميل شخصك في فؤادي لم يزل

وتبسّمت؛ لمّا رأتني ضاحكاً
والدهر من حُسنِ اللقاء تبسّما
واللهِ لم نُبدِ الغَرام صَراحةً
لكنّ طَرفَيْنا بِذاك تكلّما

‏رأيتُ الهلالَ ووجهُ الحبيب

فكانا هلالين عند النظر 

فلم ادرِ من حيرتي 

هلالَ السماء من هلال البشر

فكُنت أظن الهلال الحبيب

وكنتُ أظن الحبيبَ القمر